يثيرني الحديث البغيض عن الوضع الاقتصادي المتردي و البلد التي أصبحت علي شفا الإفلاس.
و يقرفني الكلام الكاذب عن الاستثمارات التي كفت عن المجيء بعد الثورة، و رؤوس الأموال المذعورة التي تتأهب للرحيل.
و يصيبني بالغم نشر الرعب و ممارسة التسول و مناشدة أهل الخير إقراض بضعة مليارات لتسيير أمور مصر حتي يجيء الفرج.
و تحبطني الأخبار المغرضة عن تراجع نسبة السياحة و انحسار عدد السواح القادمين لمصر بعد الثورة.
هذا الكلام كله هو كذبة من صناعة مجرمين محترفين أتقنوا صنعه ثم دحرجوه و ألقوا به في حجر مسؤولين هواة ليس لهم في الثورة و لا في السياسة و تربوا علي وصفات صندوق النقد الدولي و نصائحهم القاتلة، فتلقفوه في فرحة وصاروا يرددونه و كأنهم بهذا يعمّدون أنفسهم سياسيين كبار مثل غيرهم ممن دأبوا علي ترديد الكلام الفارغ نفسه!.
الوضع الاقتصادي اليوم ليس أسوأ منه يوم 24 يناير الفائت، و كل مظاهر الضيق و صور الأزمات التي نلحظها الآن هي أشياء قديمة نصحو عليها و ننام منذ أن بعثت لنا الأقدار بفلتة زمانه الرئيس المخلوع حسنى مبارك وزبانيته.
أزمة الخبز و اختفاء أنابيب البوتاجاز و شح السولار وتدنى الأجور .. كلها من إنجازات الأفندي صاحب الضربة الجوية و لم تأت بها الثورة..إنما الثورة هي التي تجاهد لتمسح مخلفاته و تنظف آثاره البشعة علي الحياة في مصر.
لعن الله مبارك و لعن نهجه و مدرسته السياسية المنحطة، و لعن أصدقاءه و ندماءه و أصفياءه و تلامذته الذين شاركوه سرقة مصر و العبث بمستقبل أبنائها.
يقول وزير المالية إنه مكسوف بسبب أن تبرعات المصريين للنهوض بالاقتصاد لم تزد عن ستة عشر مليون جنيه و إن الاستجابة لدعوته الشعب للتبرع قد قوبلت بالعزوف، و هذا يجعله يشعر بالخجل!.
و لحضرة الوزير المكسوف نقول أن هناك حل لمسألة الكسوف، فمشكلة الفلوس لها مسالك عديدة أبسطها الجدية في استعادة الفلوس و الأراضي التي نهبها اللصوص، بالإضافة إلي التقشف الحقيقي في الإنفاق الحكومي، و وضع حد أقصي للأجور، و منع الوزراء و المسؤولين من البرطعة و السفه علي حساب الفقراء.
و بدلاً من الحديث التافه عن السياح الذين أصبحوا يترددون في المجيء الى مصر ، علي السادة الوزراء الذين أتوا بالصدفة ..عليهم أن يشتغلوا و يوجهوا كل الجهد نحو الصناعة و الزراعة و المشروعات التي تحتاج لعمالة كثيفة و أيد عاملة كثيرة و يتوقفوا عن الندب و اللطم علي السائح الجميل الذي يرجي قدومه!.
لا تشغلوا أنفسكم كثيرا بالسائح الذي لا يجيء .. لأن التركيز علي تشغيل شبابنا في أعمال الخدمات التي تريح السائح تجعل من خيرة شباب الأمة خدم و حراس أمن و سفرجية و جرسونات فتنزع عنهم العزة و تجعل البقشيش الذي يجود به السائح هو منتهي المني.
كتبنا و لأن البلدان السياحية الأولي في العالم هي بالمصادفة الدول الصناعية الكبري التي يقوم الاقتصاد بها علي الصناعة و علي التصنيع الزراعي الذي يعني زراعة مزدهرة.. وأن الحركة السياحية تأتي تتويجاً لأوضاع مستقرة اقتصادياً و اجتماعياً و أمنياً..و لا يمكن للسياحة أبداً أن تقود قاطرة التنمية لأن أرباحها تذهب في جيوب حفنة ضئيلة من المستثمرين فضلاً عن هشاشتها و سهولة تأثرها برصاصة طائشة هنا أو شائعة عابرة هناك.. كما أن الحنفية التي ترسل سياح و المتمثلة في شركات السياحة العالمية الكبري ليست موجودة عندنا، و إنما توجد لدي دول لن تفتح الحنفية لنا إلا إذا خضعنا لشروطها و درنا في فلكها.
أرجوكم اهتموا بإنتاجية الشباب فى المصانع والمزارع والتكنولجيا .. أما السائح سوف يأتى تلقائيا لأننا نملك ثلث آثار العالم وجو معتدل طوال العام وموقع وسطى من العالم ولا تنسوا أننا لا زلنا نملك العقول وسواعد الشباب ويمر فى أرضنا النيل وتمرسفن العالم علينا فى قناة السويس ونملك ساحل على البحرين الأبيض و الأحمر وطميا خلف السد العالى يخصب ملايين الأفدنة فى الصحراء وطاقة شمسية لاتنقطع طوال العام وبترول و معادن تغنينا عن سؤال اللئيم من ذهب و يورانيوم وغيرها
أرجوكم توقفوا عن نغمة أن الموقف الإقتصادى فى مصر خطير بعد الثورة لأن الموقف لم يكن إلا فى الحضيض قبل الثورة
وتذكروا لولا ديسيلفا فى البرازيل و مهاتير محمد فى ماليزيا و رجب طيب أردوغان فى تركيا وكيف نهضوا ببلادهم فى بضعة سنين
ألا يوجد لولا أو مهاتير أو رجب فى مصر
مصر التى أنجبت مصطفى مشرفه وأحمد زويل وفاروق الباز فى سنواتها الحديثة
ولن أذكر علماءها على مدى العصور منذ عصر الفراعنة...
تحياتى / اسامــــــــه المصــــــــرى