الأساتذة والزملاء،
بناتي وأبنائي الأعزاء،
السيدات والسادة الحضور الكرام،،،
يسعدني غاية السعادة أن أشهد معكم فاعليات هذا اللقاء الذي ينظمه اتحاد طلاب جامعة القاهرة العريقة، تحت عنوان: "مصريتنا أولاً وأخيراً"، ويأتي تجسيداً لما تحمله مصر، أرضاً وشعباً، وتؤكد عليه كافة الأديان السماوية، من روح المودة والتسامح والتعاون على البر والتقوى، وما أكدت عليه الثورة المباركة في 25 يناير 2011 من قيم العدالة والحرية والكرامة الإنسانية، وما نجتمع عليه جميعاً من حب لهذا الوطن، ورغبة في إعلاء شأنه بين الأمم..
وفي البداية، أجده واجباً علينا أن نتوجه بالشكر الجزيل، إلى أبنائنا من الشباب الجامعي المتفتح، الذي كان أحد المحركات الأساسية، والعوامل الفاعلة في نجاح الثورة.. وها هم، كالعهد بهم، يبادرون إلى ما فيه خير وطنهم، ويسارعون إلى حماية وحدة الأمة، من خلال نشاطهم وعملهم الشبابي الطيب.. كل الشكر لكم أيها الأبناء الأعزاء.. فهذه هي حقاً مصر المبدعة التي تنجب كل يوم رجالاً يقدرونها حق قدرها، ويدافعون عنها بأرواحهم.
بناتي وأبنائي الأعزاء،
السادة الحضور الكرام
إن مصر التي ورد ذكرها في كافة الكتب السماوية بكل الخير.. هي نعمة تحتاج منا إلى الحفاظ عليها.. والنظر إليها باعتبارها الغاية الأسمى لنا جيمعاً.. فكلنا زائلون، ومصر هي الباقية.. وطناً نفخر به، وانتماءً يذوب فيه الملايين من شرفاء هذا الوطن.
أحسب أننا نمر هذه الأيام، بمرحلة تكشف المعدن الأصيل لأبناء هذا الوطن.. وأثق في أننا سنعبر هذه المرحلة وقد أصبحنا أقوى كثيراً مما كنا، وأصبح وطننا في مكانته اللائقة به على سلم التقدم والرخاء الإنساني، من خلال اجتهاد كل منا في مجاله.. الطالب في درسه، والباحث في معمله، والعامل في عمله، والفلاح في حقله، لا فرق بينهم على سلم الوطنية والانتماء، ولا مفاضلة ولا تمييز إلا بمعيار الكفاءة ومقدار البذل في سبيل رفعة الوطن.
إن التحديات التي تواجهنا هذه الأيام، لا تحتاج إلى كلام كثير، وإنما تتطلب أفعالاً ومواقف واضحة.. فهل بإمكان هذا الشعب العظيم أن يكمل ثورته بنجاح، ويصل بها إلى بر الأمان؟؟ أجل نستطيع.. فالشعب الذي خرج بعشرات الملايين مطالباً بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، حتى انتزعها انتزاعاً، قادرٌ، بكل تأكيد، على أن يكمل حلمه ويصل إلى أهدافه كاملة غير منقوصة..
بناتي وأبنائي الأعزاء
لا أحب أن أنطلق في كلامي من شعارات رنانة، مثل "الوحدة الوطنية"، و"تماسك عنصري الأمة"، وغيرها من المقولات الكبرى، التي رغم قناعتنا جيمعاً بصدقها، فإنها تكاد تفقد بريقها بمرور الوقت، وتصبح أشبه بالمسكنات التي نتعاطاها وقت الشدائد، دون أن نغوص إلى جذور مشكلاتنا ونبحث لها عن حلول قاطعة.
إن التاريخ يخبرنا أن هذا الشعب العظيم، قد واجه أصعب الاختبارات بصلابة وتوحد لا نظير لهما، فقد استطاع صد حملات الغزو المتوالية من الشرق والغرب بنسيج واحد، ولم يستطع غازٍ أو مستعمر أن يفرق بين أبنائه برغم ما حاولوه من المكر وما دبروه من المكائد.. أقول هذا الكلام، وفي أذني صدى مقولة اللورد كرومر التي أرسلها إلى بلاده بعد أن حاول زرع الفتنة بين أبناء مصر، ففشل في تحقيق هدفه، وقال من بين ما قال تبريراً لهذا الفشل: "لم أجد في مصر مسلمين ومسيحيين.. ولكن وجدت مصريين".
إن مصر التي قادت حركات التحرر في محيطها العربي والأفريقي في القرن الماضي، وتحملت في سبيل قضايا أمتها الكثير من المصاعب.. مصر التي امتزجت دماء أبنائها على أرض سيناء، ويحتفل مواطنوها مع إخوتهم في الوطن بأعيادهم، في واحدة من أسمى صور التكافل والمودة.. هي نفسها مصر التي ظهرت في ميدان التحرير، حين نقلت فضائيات العالم وقوف بعض أبنائها يحرسون بعضهم الآخر في أثناء أداء الصلاة.. هذه هي مصر الحاضر.. فماذا عن مصر المستقبل؟.. كيف نجعل مصر تلك الجنة الوارفة التي نحلم بها؟؟ .. كيف نعتقد، وبقوة، أن غداً أفضل ينتظرنا وينتظر بلادنا في ظل ما أنجزناه من ثورة رائعة؟
بناتي وأبنائي الأعزاء
السادة الحضور الكرام
ينتظرنا في غدنا القريب، وهذا كلامٌ أنا مسؤول عنه أمام الله وأمامكم يا أبنائي الأعزاء.. ينتظرنا في الغد القريب مستقبل أكثر إشراقاً.. فلقد انطلقت الطاقة المصرية المبدعة أثناء وبعد الثورة المباركة.. ولن يكون في مصر المستقبل مكان للوساطة أو المحسوبية.. لن يعود أبداً إهمال الكفاءات المبدعة من أبناء مصر.. بل سنبحث عنها في كل ربوع بلادنا المحروسة، من أقصى شمالها الشرقي في سيناء، إلى أقصى جنوبها الغربي في العوينات.. مروراً بدلتاها الخصبة وصعيدها الطيب..
لن تعود مصر إلى الانكماش والتخلي عن دورها في محيطها الإقليمي.. بل سنرى بإذن الله، مصر القوية المؤثرة، صاحبة الباع في كافة القضايا التي تخص أمنها القومي..
ولقد بدأت بالفعل بوادر عودة مصر إلى محيطها، بداية من المحيط الأفريقي الذي أثق أنكم تتابعون ردود فعله الإيجابية على مبادرات مصر في اتجاه الأشقاء.
وبدأت في صورة تعاون مرتقب مع الأشقاء في المحيط العربي، تجسده استثمارات واسعة، ستفتح أبواباً واسعة للمزيد من فرص العمل لشباب مصر..
وفي سنوات قليلة، سوف ترون ونرى مصر التي نحلم بها.. وسوف تحدثون أبناءكم وأحفادكم عن دوركم البطولي في الثورة التي جلبت لهذه الأجيال كل ما ينتظره من خير وفير..
بناتي وأبنائي الأعزاء
السادة الحضور الكرام
أكرر خالص شكري وتقديري لهذه الدعوة الكريمة من بناتي وأبنائي طلاب جامعة القاهرة، وَأَشُدُّ على أيديكم، مؤكداً دعمنا الكامل لما تقومون به من جهود مشكورة، لحماية وطننا العزيز، ولمصر وشعبها الطيب كل تقدم وازدهار ورخاء.. ولنردد معاً.. قول الحق تبارك وتعالى: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين"، وليردد إخوتنا معنا مقولة السيد المسيح: "مباركٌ شعبي مصر"... وليحفظ الله مصر وشعبها.. آمين.
والسـلام عليكم ورحمة الله وبركاته.........
تحياتــــــــى / أســـــامـــه المصــــرى